تستقبل أرض مكة المكرمة سنويًا ملايين المعتمرين والحجاج والمصلين، لتأدية شعائرهم الدينية في حين تهفو قلوبهم إلى أجواء زاخرة بالروحانية، مستشعرين فيه سكينة الإيمان.

ننوه إلى أن زيارة المسجد الحرام في مكة المكرمة تقتصر على المسلمين فقط.

تختلف الروايات في تحديد تاريخ بناء الكعبة المعظمة، من بينها ما يرجح أن بناءها يعود إلى ما قبل آدم -عليه السلام-، ويصفها القرآن الكريم بأنها بيت الله -عزوجل-، إذ أنه أول بيت وضع للناس يتوجهون فيه لعبادة الله. تأخذ الكعبة شكلًا مكعبًا، وتتكون من عدة عناصر، والفناء الذي حولها يُسمى بالمطاف، حيث يطوف المسلمون حولها 7 مرات، وهو لا يسكن على مدار 24 ساعة، فتجد فيه من يصلي، ومن يدعو، ومن يطوف تأديةً لتحية المسجد أو لعمرة أو حج.   

الحجر الأسود 

ُوصف الحجر الأسود بأنه من حجارة الجنة، ويبدأ المسلمون الطواف حول الكعبة، بمحاذاته، عكس عقارب الساعة، ويقع في الركن الشرقي للكعبة المشرفة، ويرتفع عن أرض المطاف ما يقارب مترًا ونصف، ويوجد داخل بناء الكعبة، ويظهر منه جزء بسيط. عُرف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تقبيله للحجر الأسود؛ مما جعل من تقبيله أو حتى لمسه أمنية يحلم بها كل زائر للحرم المكي

في الجهة المقابلة لباب الكعبة المشرفة، يقع مقام إبراهيم، الذي يحمي بهيئته الحالية المذهبة ما يضمه من حجرٍ مربع الشكل، يحمل آثار وقوف النبي إبراهيم -عليه السلام- عليه، أثناء رفعه لقواعد الكعبة.  

يأخذ حِجر إسماعيل شكل نصف دائرة، وهو ملاصق لشمال الكعبة المشرفة.  في الأصل كان جزء من الكعبة، ولكن قريش حين بنت الكعبة لم تكفي النفقة التي رصدتها لأجل البناء، فقصروا من بناء الكعبة في ناحية الميزاب نحو سبعة أذرع، وأحاطو المكان بسياج؛ لكي يطوف الناس من خارجه .
لُغويًا يعرف الحِجر بأنه الحضن، وسمي بذلك لأنه كان بمثابة العريش/البيت لإبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام.

المسعى 

بعد الانتهاء من الطواف حول الكعبة، يتوجه المعتمرون والحجاج إلى المسعى، الذي يقع شرق المسجد الحرام، لإكمال الشعائر الدينية حيث يبدأ سعيهم ما بين جبلي الصفا والمروة سبع أشواط؛ اقتداءً وتذكيرًا بقصة سيدتنا هاجر -عليها السلام-، ورحلة سعيها في البحث عن الماء.

يعود تاريخ بئر زمزم إلى زمن سيدتنا هاجر وابنها إسماعيل -عليهما السلام- حينما تفجر الماء أثناء سعيها بين جبلي الصفا والمروة. حاليًا تقع البئر أسفل صحن المطاف، شرق الكعبة المشرفة. وقد اعتنت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ببئر زمزم، وخصصت له لجنة تسمى بسقيا زمزم، تأسست عام 1400هـ، يصاحبها مختبر يُشرف على جميع المراحل؛ منذ لحظة استخراج الماء من البئر، ثم تعقيمه وتنظيفه، إلى أن تصل أيادي الزوار. وفي المسجد الحرام، تنتشر مياه زمزم في حافظات رُوعي فيها اختلاف درجات الحرارة لتناسب الشاربين، إضافة إلى مشربيات وصنابير موزعة في كافة أرجائه وساحاته.

بُنيت أول منارة للمسجد الحرام قبل ما يزيد عن العشرة قرون، تحديدًا في عام 139هـ بعهد الخليفة أبو جعفر المنصور.ويصدح النداء للصلاة اليوم من مآذن بديعة يصل عددها إلى 13 مئذنة. يتميز تصميم مآذن الحرم المكي باحتوائه على 5 أجزاء، تبدأ بالقاعدة، فالشرفة الأولى، فعصب المئذنة الشامخ، فالشرفة الثانية، فالغطاء.

مر المنبر الذي يخطب فيه إمام المسجد الحرام بأشكال عديدة على مدى قرون ماضية، فيما يعود تاريخ بناء المنبر الرخامي المستخدم حاليًا إلى عام 1423هـ/2002م، ويتسم تصميمه بإتقان جمالي وتقني مبهر، استعملت فيه أجود المواد، إلى جانب عجلات كهربائية تحركه بسرعة تصل إلى متر واحد في الثانية، وقد بلغت تكلفته الإجمالية 5 ملايين و750 ألف ريال سعودي.

بحكم مساحة الحرم المكي الكبيرة؛ توجب فتح بوابات كثيرة لتيسير الدخول إليه والتقليل من الزحام، يصل عدد بوابات المسجد الحرام إلى 210 أبواب، مصنوعة من أجود أنواع الخشب، مزينة بزخارف من نحاس.

ٱلْمَسْجِدُ ٱلنَّبَوِيّ أو ٱلْحَرَمُ ٱلنَّبَوِيّ أو مَسْجِدُ ٱلنَّبِيّ أحد أكبر المساجد في العالم وثاني أقدس موقع في الإسلام (بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة)، وهو المسجد الذي بناه النبي محمد في المدينة المنورة بعد هجرته سنة 1 هـ الموافق 622 بجانب بيته بعد بناء مسجد قباء. مرّ المسجد بعدّة توسعات عبر التاريخ، مروراً بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيراً في عهد الدولة السعودية حيث تمت أكبر توسعة له عام 1994. ويعتبر المسجد النبوي أول مكان في شبه الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327 هـ الموافق 1909

بعد التوسعة التي قام بها عمر بن عبد العزيز عام 91 هـ أُدخِل فيه حجرة عائشة (والمعروفة حالياً بـ «الحجرة النبوية الشريفة»، والتي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد) والمدفون فيها النبي محمد وأبو بكر وعمر بن الخطاب، وبُنيت عليها القبة الخضراء التي تُعد من أبرز معالم المسجد النبوي. كان للمسجد دور كبير في الحياة السياسية والاجتماعية، فكان بمثابة مركزٍ اجتماعيٍّ، ومحكمة، ومدرسة دينية. ويقع المسجد في وسط المدينة المنورة، ويحيط به العديد من الفنادق والأسواق القديمة القريبة. وكثير من الناس الذين يؤدون فريضة الحج أو العمرة يقومون بزيارته، وزيارة قبر النبي محمد للسلام عليه

فضائل المسجد النبوي

ورد كثير من الأحاديث النبوية عند المسلمين تبيّن فضل المسجد النبوي، ومكانته عندهم، ومن ذلك

إنه هو المسجد المذكور في الآية: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ وذلك بحسب كثير من المفسرين،  ويستدلون بما رواه أبي سعيد الخدري قال: «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا (يقصد مسجد المدينة)»

أنه أحد المساجد الثلاثة التي لا يجوز شدّ الرحال إلى مسجد إلا إليها، فعن أبي سعيد الخدري، عن النبي محمد قال: «لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ: مسجدِ الحرامِ، ومسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا»

الصلاة فيه تعدل 1000 صلاة في غيره، فعن أبي هريرة عن النبي محمد قال: «صلاةٌ في مسجدي هذا، خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في غيرِه من المساجدِ، إلا المسجدَ الحرامَ»

فيه جزء يُسمى بـ «الروضة المباركة»، يقول فيها النبي محمد: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي»

أنه خير مكان يقصده الناس، قال النبي محمد: «خيرُ ما رُكبَت إليهِ اَلرَّوَاحِل مسجدي هذا والبيت العتيق»

أن من جاءه بهدف التعلم فهو كالمجاهد في سبيل الله، قال النبي محمد: «من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلّمه أو يعلّمه فهو بمنزلة المجاهدين في سبيل الله، ومن جاء بغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره»

أنه من صلّى فيه 40 يوماً كُتبت له النجاة من النار، رُوي عن أنس بن مالك أن النبي محمد قال: «من صَلَّى في مسجدي أربعين صلاةً لا تفوته صلاةٌ كُتِبت له براءةٌ من اَلنَّار وبراءةٌ من العذاب وبرِئ من اَلنِّفَاق». ولكنه يعتبر من الأحاديث الضعيفة

تمثل المساجد قيمة دينية عليا لدى المسلمين، إذ تقام فيها شعائر الدين من صلاة وتعبد ودعاء، ويعد مسجد قباء أول مسجد في الإسلام، وضع أساساته الأولى النبي محمد -عليه صلوات الله وسلامه- عام 622م، وهي أول سنة هجرية اعتمدها المسلمون تقويمًا رسميًا لهم بعد هجرة الرسول من مكة إلى يثرب -المدينة المنورة حاليًا-، وبذلك يتجاوز عمر المسجد 14 قرنًا.

على مدى القرون الماضية، لقي مسجد قباء اهتمام الحُكام بتطويره وتوسيعه، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله-، ضُوعفت مساحته عدة أضعاف، لتستوعب أعداد كبيرة من قاصديه، فكانت مساحة المصلى قبل التوسعة  1,600 متر مربع، وأصبحت 5,035 مترًا مربعًا، فيما تبلغ مساحة المسجد الإجمالية 13,500 متر مربع.

 يعد مسجد القبلتين من أبرز الوجهات الإسلاميّة في المدينة المنورة، إذ أخذ اسمه بعد أن تحوّلت قبلة الصلاة من المسجد الأقصى ببيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، حين نزل الوحي الإلهي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أتم ركعتين من صلاة رباعية باتجاه المسجد الأقصى، ليتحول بعد ذلك لاتجاه الكعبة المشرفة ويصلي الركعتين الأخريين، وذلك في العام الثاني للهجرة. يتربع المسجد على مساحة 3,920 مترًا مربعًا، ويقع في شمال غربي المدينة المنورة.